مدونة الكاتب : صهيب الحسن

كلما ظننت أنّي علمت جهلت أكثر

الجمعة، 4 يونيو 2010

اردوغان ونتنياهو وجهان لعملة واحدة !!

صهيب الحسن/غزة

04-06-2010, 17:59

يحكى أن يهودي استأجر غرفة في منزل فلسطيني ، ثم بعد مضي فترة من الزمن قام اليهودي بالسيطرة عنوة على غرفة أخرى ، وكلما كان الفلسطيني يشجب ويستنكر ، كلما سرق اليهودي غرفة أخرى ، وهكذا حتى احتل معظم غرف المنزل ، وترك للفلسطيني غرفة واحدة ضيقة يعيش فيها مع عياله ووضع معهم بقرة وحمار وخروف ، وكلما تذمر الفلسطيني أكثر من ضيق العيش فضلاً عن ضيق الغرفة التي لا تتسع لهم ، كلما زادت حدة الشجب والاستنكار ، فقام اليهودي بإخراج البقرة فارتاح الفلسطيني وتنفس الصعداء ، ثم بعد ذلك اخرج الحمار والخروف فقال اليهودي للفلسطيني : ما رأيك الآن؟

فقال الفلسطيني: أيوة كده تمام، لكي ينسى المنزل ويكتفي بغرفة واحدة !

لربما يكون حال الفلسطيين مشابه للقصة السابقة ، اليهودي معروف والحيوانات هي قطعان المستوطنين التي خرجت من قطاع غزة، والفلسطيني بقي وحيداً في غرفته "قطاع غزة "محاصراً لا يستطيع الخروج منها.

نتنياهو صرح بأنه سوف يسمح بتخفيف الحصار مقابل قوة دولية تشرف على المعابر والموانئ ، هذه القوة هي بمثابة قوة احتلال ولكن هذه المرة بثوب جديد ، بينما الجيش يتربص بالشعب المحاصر على تخوم القطاع ، من جهة البر بحصار إسمنتي وفولاذي ، ومن البحر بقراصنة يجوبون أعالي البحار غير آبهين يعتقدون أن البحر المتوسط ولربما العالم كرة صغيرة يضعونها في جيبهم الصغير ، فيحق لهم ما لا يحق لغيرهم ، لأنهم ببساطة شعب الله المختار كما يزعمون ، والحديث عن قوة دولية هو ضرب من ضروب التضليل الإعلامي وضمن سياسة إستراتيجية خبيثة تمارسها سلطة الاحتلال ، وهل كان يتوجب أن تحدث مجزرة في عرض البحر وفي المياه الدولية لكي يتم تخفيف الحصار ؟ أو يفتح المعبر بشكل دائم "للمساعدات والحالات الإنسانية فقط"؟!

هل يتوجب أن نخوض بحار من الدماء لمدة 62عاماً في سبيل "تخفيف الحصار" ؟ بالطبع هذه سياسة اليهودي الذي احتل المنزل ، فيقوم بالتنفيس شيئاً فشيئاً على الفلسطيين حتى ينسيهم قضيتهم الأساسية " باقي غرف المنزل "!

ولكن ما هو السر وراء غطرسة ومكابرة نتنياهو لكي يتمسك بموقفه على هذا النحو؟ وبقوله أن الحكومة الإسرائيلية تدعم ما قام به الجيش من قرصنة ومجزرة ضد متضامنين متعددي الجنسيات ؟! وان هذه القافلة هي للكراهية وليست للحب والحرية ،وأنها تقوم بتهريب السلاح للإرهابيين في حركة حماس ، الم تقدم تلك السفن والبواخر من موانئ من أكثرها تشديدا امنياً وفحصاً وتمشيطا سواء من وجود أسلحة أو السماح بتهريبها ؟ سفن وبواخر جاءت ليس فحسب من تركيا بل من دول مختلفة من العالم.

هناك عملة نادرة يتم تداولها بحيث تقف كقاعدة صلبة يتكئ عليها من يمتلك زمام السلطة ، هذه العملة صاحبة المعتقد والإرث التاريخي سواء كان حقيقي أم غير حقيقي ، وهي في نفس الوقت سلاح فتاك في يد من يستخدمه ، هي الرأي العام ، والذي يحدد سياسات الدولة ويرسمها ، ولذلك نجد هذا التماسك والتوحد خلف الحكومة الصهيونية ، بهذا التعنت المفرط ، والتي تعبر عن الشارع الإسرائيلي بالدرجة الأولى ، وبالتالي يمكن فعل أي شئ في سبيل ترسيخ جذور المعتقد التوراتي اليهودي حتى لو تطلب الأمر تجاوز سيادات دول متعددة وانتهاك القوانين والمعايير الدولية ، لكي يتم اغتيال مقاوم فلسطيني في دولة عربية ، أو اغتيال متضامنين أجانب في عرض المياه الدولية .

هل ما حدث في "المياه الدولية " هو خطأ ارتكبته البحرية الإسرائيلية وقوات الكوماندوز بحيث لم تعرف مكانها لتخطئ في إحداثيات المكان ، بعيداً عن الحدود للمياه الإقليمية الخاضعة تحت السيطرة الإسرائيلية ؟ الجميع يدرك أن هذه الحركة متعمدة ومقصودة ، لأن المسألة لا تتعلق بقافلة محملة بالمساعدات ، بل تتعلق بقضية أساسية ورئيسية ألا وهي "كسر الحصار المفروض على غزة " ، والحصار سياسة إستراتيجية ضمن سياسات الحكومة الإسرائيلية الرامية لتقويض الحقوق وانتزاع المواقف ، إلى جانب محاولات تحرير الجندي المختطف جلعاد شاليط .

وبالتالي من غير المستغرب أن يرسل ترسانة من البوارج الحربية والطائرات المروحية لمحاصرة هذا الأسطول ، وهذا كان متوقعاً، ولكن الذي فاجأ الجميع هو الهجوم بشكل سافر وفاضح على القافلة يصل إلى حد ارتكاب مجزرة بشعة ،بإطلاق الرصاص وبشكل مباشر على المتضامنين ، بل بقوائم اغتيال معدة مسبقاً ، تستهدف قيادات في الحركة الإسلامية في الداخل والخارج ، رائد صلاح واحمد إبراهيمي وغيرهم ، ولكن " يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ".

الحكومة التركية تدرك أهمية الرأي العام ، الشارع التركي بات يعرف الظلم الواقع على الشعب المحاصر ، فظهرت الجهود الكبيرة في محاولة لفك الحصار وإنهاء معاناة استمرت لأكثر من 4 سنوات ، ولذلك من الطبيعي أن تقف الحكومة قلباً وقالباً (جيشاً، ورئاسة وزراء ،مؤسسات ) مع هذا الرأي عملاً بالسياسة المتبعة والتي أثبتت فاعليتها في مقابل الرأي العام الإسرائيلي ، واستشهاد عدد من المتضامنين الأتراك ، وحجم الغضبة المنددة والتظاهرات والاحتجاجات تدلل على ذلك ، وقد عبر عنها اردوغان في خطابه الأخير ، والمشهد ينذر بالتصاعد ، ولا يمكن للحكومة أن تمرر هذه الجريمة مرور الكرام ، ولن تعود العلاقات التركية الإسرائيلية كسابق عهدها ، وهي مرشحة للتصعيد ، لان كلى الطرفين يتمسك بموقف الرأي العام ويعبر عنه في سياسته المرسومة ، ولو اغتيل او غير الرجل توجهاته فلا يمكن ان تتغير قناعات وتوجهات الرأي العام التركي ، وبالتالي ندرك أن اردوغان ونتنياهو وجهان للرأي العام ، والأنظمة العربية عدة أوجه لعملة العمالة لأمريكا وإسرائيل !






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق