مدونة الكاتب : صهيب الحسن

كلما ظننت أنّي علمت جهلت أكثر

الثلاثاء، 15 يونيو 2010

عمرو موسى ذو الوجهين !

صهيب الحسن/غزة
15-06-2010, 22:14

أصبحنا ذات يوم سابق على زيارة أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي دخل قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من أربع سنوات ، لتستنفر الحكومة الفلسطينية جميع مؤسساتها وتقف على قدم وساق ، وتعتذر عن استقبال قوافل شعبية قادمة لفك الحصار ، لانشغالها بتحضير مراسم استقبال المفدى الأمين العام ، فإذا كان هذا الذي جاء ليمتطي صهوة موجة الغضب العالمية بعد مجزرة الحرية في عرض البحر ، ليُقحِمَ أنفه ويدخل بردائه المربوط بيد بان كي مون التي أجلسته على كرسي منتدى دافوس ، حين بهدل اردوغان شمعون بيريس أمام الملأ ، واندفع بعد ذلك خارجاً ليستقبله أبناء شعبه في تركيا كالأبطال ، ثم يأتي اليوم عمرو موسى ليلعق ولو شيئاً يسيراً من هذا الاستقبال فبالتأكيد يكون مخطئ إذا كان معتقداً ذلك، لأنه قد أوضح مواقفه مُسبّقاً ، وأربع سنوات كانت كفيلة ليثبت فيها مدى جديته الفعلية ليخدم القضية الفلسطينية، وأن قافلة ووفد صغير يدخل حاملاً في جيبه الدواء لمريض أو حليب لطفل لهو أغلى وأثمن من ألف ألف عمرو موسى !

والصحيح أنه بالفعل حصل على مراده ببساطة ، لأن الحكومة الفلسطينية أو بالأحرى حماس هي التي سمحت له بذلك ، لأنه لم يرد الاعتراف بالحكومة ورفض الاجتماع في مقر رئاسة الوزراء حفاظاً على الشكليات ، ولكن أين كانت تلك الشكليات حين جلس جنباً إلى جنب جزار الشعب الفلسطيني شمعون بيريز خاصة بعد حرب غزة الأخيرة .

لقد كنت أتمنى يا عمرو موسى أن أصدق أنك لست رسالة أمريكية صهيونية عباسية وأنك مبعوث جديد قد اختار التوقيت المناسب بالفعل لإبلاغ الضغوط القبيحة بوجه قد لا يقل قبحاً عنها ، ونحن نعلم جيداً أنك لا تحُل ولا تعقد من الأمر شيئاً هذه المرة ، كنت نفسي أصدق يا عمرو موسى ، ولكن عجزت عن ذلك !

ستبقى في نظري مجرد أراجوز تلعب به قوى الشر الظلامية كيفما ووقتما شاءت ، وهل دماء الفلسطينيين التي سالت عقب حرب غزة الأخيرة لم تكفيك لتزورها وتطلّع على أحوالها ، أم أن دماء الأتراك كانت السيل الذي بلغ زبى العنجهية الإسرائيلية التي دفعتك لإقحام انفك الذي حككته كثيراً حين كنت تعلق على مجزرة أو مصيبة ما ترتكب هنا أو هناك ، ولقد رجعت بخفي حنين لم ولن تفعل شيئاً لأنك ستبقى ملفوفاً بورق الضمانات الأمريكية التي تحاكي قوانين واشنطن ، وقد كانت زيارتك للاستهلاك الإعلامي لا أكثر ولا اقل ، وان كنت في الحقيقة منزعج كثيراً من كرم حكومتنا الحاتمي التي تعاملت معك فيه على أساسه ، وأهم ما يستحقه الحدث هو تناوله من زاوية رصد أنماط التفكير لدينا، وتصحيح عاداتنا الفكرية واللفظية التي تحكم نظرتنا للسياسة، وفي التعامل مع هذه الزيارة، وموقفنا من الآخرين، وتعبيرنا عن الرأي الذي نختاره وننتحله، فهو استفزنا لنتصرف بعفويتنا، وهنا يأتي دور الراصد ليراقب خطأنا وصوابنا ليعكس للعالم صورة الشعب المحاصر ، ولربما تكون الصورة وصلت جيداً أمام عوائل الأسرى سواء في السجون الإسرائيلية أو حتى أولئك الذين يقبعون في السجون المصرية ، فضلاً عن المختطفين في السجون الفلسطينية التي تسيطر عليها الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة ، ولذلك نحن على قناعة تامة من أن موسى لن يفعل شيئاً ، وسيقوم بتمزيق صفحة المطالب التي كتبها إسماعيل هنية ، كما تعود عمرو موسى على تمزيق صفحة وجهه كل يوم ليكذب عليها ويخرج أمام الملاً بوجه جديد مرّة بعد مرّة !

أما حكومتنا فنقول لها لقد قمتي بما هو مفروض عليكي وزيادة ، ولكن الإفراط في التعاطي مع المبادرات الدولية العربية والغربية ومنها الأمريكية وحتى الإسرائيلية ، فعند ذلك تكونين مخطئة تمام الخطأ ، وذلك يستوجب وقفة لمحاسبة ومراجعة المواقف، والقضية لا تحتمل أعوام جديدة ليستمر مسلسل الحصار المفروض ، وكان الأولى بك إعطاء الأولوية لاستقبال القافلة التي جاءت بدل الاعتذار للانشغال باستقبال رجل تعلمين جيداً انه صورة كرتونية تحركه الأيدي الأمريكية والإسرائيلية ، وجلوس وجوه أثارت بلبلة إعلامية حول رؤية الحركة والحكومة إلى جانب عمرو موسى ، وخروجها بعد ذلك على وسائل الإعلام لتتحدث وكأنها تمثل الحركة فهذه الوجوه تسئ بشكل كبير جداً أمام تلك الجماهير التي تترقب لسلوك وأداء هذه الحكومة ، والتي كانت المسبب في زيارة الرجل إلى غزة حين سالت الدماء في عرض المياه الدولية ، فلا يكفي تشييد النُصُب التذكاريه ، بل الأولى الوفاء لدماء الشهداء على الأقل بإرسال خطاب شديد اللهجة يعبر عن هذا الوفاء وعن الألم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني ، رداً على استعباطه لكم ورفضه ليجلس مع رئيس الوزراء في مقرّه!

 
 
رد مع اقتباس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق