مدونة الكاتب : صهيب الحسن

كلما ظننت أنّي علمت جهلت أكثر

الخميس، 30 ديسمبر 2010


تجليات غزوة الأحزاب في معركة الفرقان

صهيب الحسن/غزة

جاءت عملية الحسم المباركة التي دشنها النبي عليه السلام في المدينة المنورة بعد إجلاء حركة بني النضير الإنقلابية، لتؤسس لواقعة أخرى أثبتت فشل جميع المحاولات الرامية للقضاء على هذه الدعوة، فنزل قول الله عز وجل : "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ" وبهذا الحسم الذي أحرزه المسلمون بعد المعاناة الكبيرة جراء مخططات الإنقلابيين الخبيثة، أمكن للنبي عليه السلام أن يتفرغ لتوطيد أركان دولته في قمع الأعراب الذين آذوا المسلمين بعد " أُحد"، وتهيئة الظروف لتمكين المقاومة بعد تطهيرها من أوكار الإنقلابيين وحصونهم، حيث خرجت فلولهم إلى الضفة الأخرى حيث قاعدة المشركين تستغيث بهم، تمنعوا بينهم وأخذوا يقومون بتأليبهم للمعركة الكبرى، فقد استدار العام وحضر الموعد مع قريش بأحزابها في عدوانها الكبير في واقعة " غزوة الأحزاب ".

في السابق كان المسلمون يقاتلون كل قوة على حدة، لأن العرب لا يتجمعون أبداً فهم قبائل متفرقة، لكن اليهود قامت بتجميع جميع القبائل العربية بمهارة واحتراف، فجاء العدوان الثلاثي الجديد (المنافقين، اليهود، المشركين ) في خطوة تصعيدية كبيرة الهدف منها القضاء بشكل كامل على دولة الإسلام في قطاع المدينة المنورة يتجلى ذلك في وصفه سبحانه وتعالى "إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ"، فلم يجزع المؤمنون إنما كان لسان حالهم يقول كما أخبر الله عز وجل في كتابه الكريم "وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا"، حيث استمرت المعركة شهراً كاملاً تجلى فيها روعة التخطيط المحكم الذي فاجئ جموع الأعداء في حفر الخنادق في محيط المدينة والتي انطلقت منها صواريخ النيران التي ألهبت صدور الأعداء فمنعتهم من التقدم إلى تخوم المدينة المنورة، إلى جانب الجنود التي عزز بها سبحانه وتعالى حزبه ومنها الريح التي أفزعتهم وقضّت مضاجعهم، فكانت هذه الغزوة الفارقة في تاريخ هذه الدعوة، وخطوة جوهرية لترسيخ دعائم الحكم الإسلامي الذي كتب الله له الفتح بعد بشرى النبي صلى الله عليه وسلم، يقول البراء: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول صلى الله عليه وسلم، فجاء وأخذ المعول فقال: «بسم الله، ثم ضرب ضربة، وقال: الله كبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إنّي لأنظر إلى قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إنّي لأبصر قصر المدائن الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتح اليمن، والله إنّي لأبصر صنعاء من مكاني».

ليس من قبيل المصادفة أن تلتقي أحداث الماضي والحاضر، فهي تصلح لكل زمان ومكان، ولعل المتغيرات التي واكبت مسيرة الدعوة المحمدية تماثل إلى حد كبير المتغيرات والأحداث التي مرت بها حماس في طريقها لتحرير فلسطين، أبرزها دخولها معترك العملية السياسية من أبوابها البلدية والتشريعية، لتحظى بالأغلبية الساحقة، على الرغم من ذلك لم تسلم من أبواق منافقي كل زمان ومكان يتجلى وصفهم في قوله سبحانه وتعالى : "وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً " حيث قاموا بإثارة القلاقل والإضطرابات في قطاع غزة لزعزعة الحكومة الحمساوية واثناءها عن خوض غمار هذه القضية بكل ما تحمله من اجتراحات وآلالام، فضلاً عن مكابدة الحصار الشامل والعداء العالمي الرسمي، حيث خرجت فلول التيار الإنقلابي بعد عملية الحسم المباركة مع اوكار العربدة الأمنية، لتسعى لتأليب العالم ضد حماس الإسلامية في قطاع غزة، فقامت في سبيل ذلك بممارسة كافة الوسائل التي من شأنها تعزيز هذا العدوان، بصرف نظر وجهتها عن مقارعة العدو الحقيقي، الذي كانت وما زالت تبادله العناق والأحضان، وتتعاون معه بالتنسيق الأمني، فجاء العدوان الثلاثي الذي قام اليهود بتجنيد العرب والمنافقين من خلاله في أحزاب جديدة لشن حرب غزة التي استمرت قرابة الشهر.

وبالفعل فلقد أمطرت الأجواء الملبدة بالغيوم النفّاثة حمماً نزلت على رؤوس الشعب الفلسطيني المحاصر منذ خمسة سنوات، وتقدم الأعداء من فوقهم ومن أسفل منهم وزاغت الأبصار بقضاء المئات في الضربة الأولى، ما لبثت أن تعاضدت وتماسكت فأرسلت في مقابل هذا العدوان رسالاتها المتواضعة التي لا تقارن بمستوى تسليح الترسانة العسكرية الإسرائيلية، لكنها أحدثت توازناً إستراتيجياً في الرعب ما حذى بالعدو للهروع إلى الملاجئ فزعاً من الصواريخ القسامية التي ارتدت بعد الضربات الإسرائيلية المتوالية، وخرجت من باطن الأرض في سابقة فريدة من نوعها وترتيب محكم، وإعداد وتخطيط لم تشهد له ساحة المقاومة مثيلاً من قبل.

لم تسقط حماس بفعل عنصر المفاجأة، وصمدت وازداد الإلتفاف الجماهيري حولها، فقرر العدو تجاهل ذلك كله إلى التقدم البري نحو الأراضي المحاصرة التي استقبلها المنافقون بحفاوة بالغة الثناء كتبها على الجدران " أهلاً بجيش الدفاع "، لكن الجيش اصطدم بصنيعة سليمان الفارسي الذي أشار بالنبي عليه السلام يوم الأحزاب بحفر الخندق، ففوجئت أرتال الدبابات بالصواريخ المضادة للدروع التي تم استخدامها لأول مرة تخترق دروعها الحصينة، فتقهقرت واستمرت الصواريخ بالصعود من الخنادق تدك المطارات والقواعد العسكرية، وازدادت بقعة الزيت لتصل إلى مناطق أذهلت العدو، وجاء أمر الله بعد معركة دامت قرابة الشهر بانجلاء الغمة، فخذل العدو وفشلت أهدافه وهزمت جموعه، وتحققت إستجابة دعوات المجاهدين المرابطين " اللّهم اهزمهم وزلزلهم» وكان الشعب يلملم أشلاء أبناءه المتناثرة جراء المجازر الجماعية لعوائل الداية والسموني وريّان وصيام لسان حالهم يقول "اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا".

وبعد انجلاء الضباب وانسحاب الإحتلال، أزفت البشائر وأشرق القطاع المحاصر من جديد، مستقبلاً التضامن العالمي الكبير مع قضيته، الذي أكدته الدماء العثمانية التي سالت في عباب البحر المنتظر لقوافل أخرى تجاهد لفك الحصار، ولم تضع الحرب أوزارها فطهرت الداخلية بؤر العملاء، وأعادت كتائب القسام تنظيم صفوفها وتجهيز مجاهديها وخرجت بإحصائية مشرفة في ذكرى الحرب الثانية تؤكد على أنها لم تنسى أبناءها في الضفة الأخرى التي جاء منها المشركين بتأليب اليهود، ولم تخترق حصونها أو تسقط قلاعها وما زالت تحمل الراية الخضراء بنور الله القائل :"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".

الخميس، 23 ديسمبر 2010



" وأد النساء " المشهد الأبرز منذ قدوم مولر !


صهيب الحسن/غزة
" وأد النساء " الحدث الكوني الرهيب الذي قرنه القرآن الكريم مع أحداث يوم القيامة الكبرى حين قال تعالى : " إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ، وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ، وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ، وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ، وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ، وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ " جاء هذا المنهج الربّاني ليقضي على إحدى معالم الجاهلية من جذورها، على الرغم من ذلك لم تنتهي إلى وقتنا الحاضر مع مشاهد تعيد إلى الأذهان أقبح وجوه الكُفر التي كانت تتغنى بوأد النساء معتبرة إياها من المكرمات التي ينشد من أجلها الأشعار ويتم التغني بها ليل نهار، فجاء الإسلام ليمحي هذه الممارسة الرجعية ويبرز دور المرأة معطياً إياها كافة حقوقها المسلوبة، غير مهمل جانباً معيناً في الحياة سواء كانت معيشية، دعوية، اجتماعية، سياسية، عسكرية، فهي سيّان مع الرجل في رسالتها التي تليق بطبيعتها و مؤهلاتها، هي فطرة جبلها الله عز وجل في النفس البشرية كبديهية لا يمكن انكارها أو التعدي عليها بأي شكل من الأشكال .

هذا المفهوم الشامل الذي حمله أبناء الدعوة الإسلامية في عصرنا الحديث بكافة متعلقاتها وعناصرها، وأبرزها دور المرأة المسلمة خاتمة الوصايا النبوية التي دعى فيها إلى الرِفْق بالقوارير، قد تجلّت منهجاً وممارسة لدى جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث رأينا الثمار الطيبة التي أينعت وهي تنطلق إلى التربية والبناء مرتكزين في ذلك إلى النبي محمد عليه السلام، قدوتهّن خديجة التي انبرت خمسا وعشرين عاماً تدفع عن زوجها عليه السلام الأذى، حيث صنع التاريخ لوفاتها مع عمّه أبي طالب " عام الحزن "، وعائشة العالمة الفقيهة المحنّكة سياسياً، وأسماء ذات النطاقين صاحبة الإمداد إلى قائد الدولة المؤسس في تمهيده نحو الفتح المبين، نماذج صاغت التاريخ في وصال لا ينقطع إلى حاضرنا عبر تجليّاته التي انبثق عنها رائدات مصلحات وصابرات أمثال زينب الغزالي، وعلى اللائحة تُضاف المرأة الفلسطينية التي بذلت الغالي والنفيس في سبيل الله أولاً ثم لأجل فلسطين، فقدمت الولد تلو الولد فداءاً وانتصاراً للدعوة، وما أجمل منظر الأُم الحانية إذ تذرف الدموع على ولدها المسجي على فراشها حين استشهد البطل المقدام نضال فرحات، وقد رأيناه يودع أمّه قبل ارتحاله إلى العلياء بكل شجاعة، سرعان ما لحق بركب أصحابه أخيه نضال ثم رواد، وها هي الصابرة المحتسبة ما زالت شاهدة على عصرنا على المعركة المماثلة على الجانب الآخر لدى أخواتها المحتسبات في الضفة المحتلة!

منذ استلام مولر دفة التنسيق الأمني في الواجهة الخلفية حيث يتم الإعداد والتخطيط المحكم من خلال صياغة فصول المسرحية الجديدة لتحريك الأراجوزات أبناء حركة الشلّح الوطني، للاسترجال على أبناء وبنات شعبهم، وتجاوز جميع الخطوط الحمراء ومن ضمنها امتهان كرامة المرأة الفلسطينية، كانت العلامة الفارقة في هذا الرجل الأميركي المؤلف والممنتج " مايكل مولر " هي استكمال مراحل الكُفر الجاهلية التي لا تنفك تنتهي حتى تبدأ بوجه جديد في " وأد المرأة الفلسطينية " وتغييب دورها المركزي والمؤثر في معادلة الصراع الفلسطينية الإسرائيلية.

وبعد الفاجعة التي أصبحت عليها فلسطين باغتيال الأيدي الآثمة أبطال القسّام الميامين السمّان والياسين، وبعد انقشاع ضباب المعركة تبيّن أن الحاضنة التي كانت ترعى هؤلاء الشهداء هي ذاتها المرأة المجاهدة عهد الدعوة الإسلامية في مراحلها، الأم الصابرة المحتسبة " ميرفت صبري " ذاتها التي تقضي محكومية ظالمة نتيجة مشاركتها في حماية الإرث النضالي للشعب الفلسطيني، الذي خلعه أبناء حركة الشلّح الوطني ليصبح عارياً يستعرض ألوان ملابسه الداخلية على شاشات التلفزة بعد عملية السور الواقي عام 2004 مستسلمين مذعنين خانعين لجيش الإحتلال في سجن أريحا، وبعد عملية الحسم العسكري 2007، بشكل شبيه جزئياً كما ولدتهم أمّهاتهم !

الأمهات الفلسطينيات التي عرفهنّ العالم أجمع حيث وقف مشدوهاً من عظم شجعاتهن، الخنساوات ( أم الشهداء فرحات، أم محمود و خالد العابد ) والاستشهاديات ( فاطمة النجار، ريم الرياشي، سناء أبو دقة ) يستمر جهادهنّ بشكل آخر على الجهة المقابلة لقطاع غزة في معركة لا تقل ضراوة عن تلك التي خاضوها في الضفة المحتلة، أبطالها ميرفت صبري، و تمام أبو السعود، ميسم سلاودة ومها اشتية، لمى خاطر بدواعي واهية لا يصدقها أدنى ساذج !

إن الحرب القائمة في الضفة المحتلة لا تستهدف حماس، بل هي تشمل معالم الإسلام الحنيف بشموليته، فمن استئصال المقاومة، إلى التنسيق الأمني، اغلاق المؤسسات الدينية والخدماتية، اغلاق اذاعة القرآن الكريم، الاعتداء على المساجد واغتيال الآئمة والمشايخ، والزجّ بشبابه وعلماءه في غياهب الجنيد والوقائي وأريحا، ناهيك عن اختطاف الصحفيين والأكاديميين بدون مواربة، وأخيراً وليس بآخر أبرز معالم الإستئصال منذ قدوم المؤلف الأميركي الجنرال مولر بعد سلفه دايتون " وأد النساء من الواجهة "، الذي أرسى بدوره قواعد هذا المشروع المؤلدج بأدواته الفتحاوية باقتدار !

مستثمرين بذلك عضلاتهم الأمنية - اعتباطاً - و قدراتهم الخارقة الماحقة على محاربة العدو الصهيوني ب " حمامة السلام " و " التنسيق الأمني " و غطاءهم الشرعي تحت مظلة " الأنظمة العربية " ليكتمل انتاج هذه التركيبة بدعم أميركي وتغذية صهيونية تلمودية قائمة على القتل والسفح اليومي وتضييق الخناق على مليون ونصف يرزحون تحت الحصار منذ سنوات في قطاع غزة .

وإلا فإنه يحقّ لنا التساؤل عن دور المرأة الفلسطينية في ظل " دولة المؤسسات والقانون " على زعم فياض وشاكلته، وهل المقصود بالمرأة السافرة الفاجرة التي ترضي الشهوة الفتحاوية وتغضب الله عز وجل، أم المرأة المناضلة المربية الفاضلة صاحبة المداد الدعوي الأصيل ؟!

إختطاف النساء العلامة الفارقة التي تضاف إلى سجّل المفارقات المخزي لسلطة العار في الضفة المحتلة، وسط التخبط والترهل الذي تعيشه، بالإضافة إلى الإنحطاط السياسي وانعدام المستوى القيمي والأخلاقي، الذي وصل إلى أدنى مستوياته في التوقف عن مقارعة الإحتلال واستبداله بالعناق الحميم ، في الوقت ذاته ترفض الإذعان للنداءات المستمرة التي تطلقها حركة حماس بالدعوة إلى إنهاء ستار الإنقسام والعودة إلى الصف الوطني الفلسطيني، فهل بعد هذا الرصيد الهائل الذي تجاوز كافة الخطوط الحمر والمتكلل باختطاف النساء والإعتداء عليهّن بممارسات تجزع لها النفوس، فهل ستظل حركة الشلّح الوطني عارية عن الشرعية ؟!

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010



حماس من المِقْلاع إلى الإقْلاع !!
 
14-12-2010

ونحن على مشارف ذكرى الإبعاد إلى مرج الزهور، يحضرنا في هذا المقام أولئك العظام الذين وقفوا كالطود الشامخ في وجه الأعاصير الهوجاء، البرودة الشديدة التي حاولت النيل من عزائمهم، بين ثنايا خيام الإعتصام على الحدود اللبنانية، وقفت أركان حماس معززة بصمود بقية الفصائل تؤكد على رفضها خيار التهجير القسري، هذه الرموز التي ما لبثت أن ترجمت هذا الحراك على مستوياته الضيقة، إلى مراحل أضاءت وجه القضية الفلسطينية من جديد، فأخذت حماس شكلها رويداً رويداً، ومن كان يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي انبثق نور فجره وسط الظلام الحالك في مكة سيُكتب له الإنتشار والإنتعاش في العالمين، ومن كان يظن أن الشيخ المُقعد مسلوب الإرادة العضوية جلب الدماء التركية لتمتزج مع قرينتها الفلسطينية، الشيخ أحمد ياسين استطاعت كلماته اختراق حصون الأعداء؛ فأركستهم في مهاوي الردى ما حذى بهم للإيعاز لسلاحهم الجوي لضرب هذا المقعد الشيخ بعد تؤكد توجساتهم من عِظَم الفِكْر والخطر الذي يحمله بين أضلعه، والعقلية التي يتوكأ عليها للسير نحو تحرير فلسطين من دَنَس الإحتلال !

لم يكن ثبات أركان الإبعاد في مرج الزهور شذراً؛ إنما وعي الإنتماء وسعة الأفق التي حملها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مهد الدعوة، إنها فرحة المهتدين إلى التوحيد، بكاء الصدّيق إذ أختاره رسول العالمين لرفقته إلى دولة الإسلام العظيم، ونشوة المنتصرين الفاتحين إذ جاءهم نصر الله المبين وأعادهم إلى مكّة مُكرّمين، وقد حسموا معركتهم مع قوى الظلم والطغيان، فثبّتوا قاعدة انبجست منها عيون الماء الطاهرة التي رَوْت قلوباً عطشى لنور اليقين، وتواصلت الملاحم الأسطورية التي تحمل بين قلبها الدفين عظم هذا الوعي الناضج برّبانية الرسالة، لتدخل أرض فلسطين محررة إيّها من ظلام الروم على يد خليفة المسلمين، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الفاروق عمر بن الخطاب، ليؤكد على أن هذه البقاع مقدّسة، وهي القبلة الأولى للمسلمين، هي بلاد بيت المقدس المباركة وما حولها، بدأت منها محاولات التدنيس على يد الغدر الصليبية والصهيونية، فجلبت الفاتح العظيم صلاح الدين الأيوبي، قائد جيوش العرب المظفر، ليخرج الأنجاس، فكان أن ثبّت الله هذه السُنة الكونية، التي تؤكد أن بقاء الظلم والطغيان زائل لا محالة، وتوالت الفتوحات إلى أن تراكمت الأمراض الخبيثة في جسد الدولة الإسلامية، فتمكّن منها العدو المتربّص ليشرذم شأفتها إلى دولاً ودويلات، وعاد مرة أخرى إلى ذات البقعة المقدسة، مستهدفاً إيّاها بأعتى الأسلحة والسياسات المؤدلجة ليستفز مشاعر أحفاد الأبطال من جديد، الذين خرجوا مؤسسين وعادوا فاتحين منتصرين !

ذهول أبي سفيان من الجحافل المتوشحة بالريات الخضراء من بين جيوش المسلمين أركست الرجل، فقال للعباس : والله يا أبا الفضل لقد أصبح مُلْكُ ابن أخيك الغداة عظيماً، فقال العباس : يا أبا سفيان : إنّها النّبُوّة !

وهذه حماس في ذكرى إنطلاقتها اليوم وقد تزيّنت براياتها الخضراء التي تدخل إلى النفس فتُنعِشَ فيها ذكريات التاريخ المضيئة في مراحلها، لتؤكد لنا على سلامة المنهج وصحّة السبيل إلى الغاية، السخرية من تلاميذ هذه الدعوة المحمدية التي ما لبثت أن تحولت إلى ممارسات قمعية إستئصالية، لم تتوقف منذ نشوئها قبل أعوام مضت، فكانت المواجهة التي تحققت بفعل الإصطدام بين الحقّ والباطل، فافترقا على إشراقات أنتجت لنا الإنتفاضتين، وما بينهما من عمليات الثأر المقدس، صيحات القعقاع وزئير الخطّاب في المعمعات، سمعناها في صدى العياش وعقل وأبي الهنود، ما كان لها أن تتوقف ولن تتوقف، فاستمرت حتى أعلنت الأيادي المتوضئة عن تصنيع صاروخ قسام الأول، فراحت الألسُن المنتشية بالخمور لتسخر من هذا الإنجاز واصفة أياه بالألعاب النارية، لم تعبأ الفئة المؤمنة، فأقلعت هذا الصاروخ إيماناً منها بسعة الأفق التي اعترت الرعيل الاول، فحقق صداه، وأخرج الإحتلال صاغراً خانعاً من قطاع غزة، واستمر الإقْلاع صعوداً ليطال مواقع عسكرية أفجعت العدو في حرب الفُرقان، والجُعبة القسامية لم تعدم المفاجآت.

هذا الوعي القائم على الحفاظ على الثوابت ما زال راسخاً في صمود المرابطين في خيمة الإبعاد في البقعة المقدسة، ماثلاً في أبناء الضفة المحتلة، وكما أن حماس إستطاعت التغلب على العوائق التي غرسها الإحتلال في قطاع غزة وأذنابه، فهي قادرة بكل تأكيد على تجاوز مأساة الضفة، ومحاولات إستئصال شأفاة المشروع الإسلامي الممتد عبر التاريخ إلى حاضرنا، لن تعدم الحلول والوسائل لنصرة الثُلة المؤمنة، بارقة الأمل ما زالت متوقّدة في أفئدة الرموز الإسلامية والنوّاب، لم ينتهي عهد البطولات والتضحيات، عمليات الثأر التي الهبت صدور الأعداء، حين خرجت في الخليل بأيدي الكرمي، ما زالت ماضية وإن صادفت العوائق لكنها لا تعدم الحيلة للتغلب عليها وستمضي قُدُماً إلى أن يشاء الله .

ولا ينفك قادة حماس تأكيدهم على هذا المشروع، مجددين عهدهم أمام الله عزّ وجل، وشعبهم الذي وضع ثقتهم فيهم، والدماء التي سُفكت في عباب البحر، الرجل ذاته الذي أُبعِد لمرج الزهور، صاحب الصرخة الواثقة " لن تسقط القلاع ، لن تخترق الحصون، لن نعترف بإسرائيل " وقف اليوم إسماعيل هنيّة على منصة الإحتفاء بذكرى الإنطلاقة 23 يعيدها على مسمع العالم المترقب لهذه الحركة العملاقة، صاحبة المكانة المركزية في الواجهة السياسية، بملئ الفم الرجل قالها " لا تنازل عن الثوابت ، إنّا على العهد باقون " .

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

إنها هجرة الرعيل المحمدي يا شيخ أبو طير !!


08-12-2010

منزلة النبي صلى الله عليه وسلم، ورهبته في قلوب أعداءه، وهيبته في أعين أتباعه، ومحبته في قلوب أصحابه، وقفت حائلاً صلباً أمام فريق المشركين، ما حذى بهم لدفعه لترك أحب البقاع إليه مسقط رأسه التي نشأ فيها وهو يدعو ربه " اللهم وقد أخرجتني من أحبّ البقاع إليّ، فأسكني في أحب البقاع إليك "، ليخرج مهاجراً منها حاملاً في جعبته أمانة الدعوة التي تم تكليفه بها، والتف حوله المؤمنون الصادقون من الذين سبقوه إلى المدينة المنورة، ومن الشجعان الذين وقفوا في بطحاء مكة أمثال عمر بن الخطاب منذراً بالوعيد لمن يتبعه خلف الوادي بقطع عنقه، فاجتمعت الإستراتيجية النبوية في القرار الربّاني لتشكل لبنة تأسيس الدولة التي انطلق منها الفاتحين عائدين إلى مكة المكرمة ولم يكن ذلك على الله ببعيد، كيف لا وهو نصر الوعد والتمكين .

هذه الإستراتيجية التي أصبحت إطاراً عاماً لأتباع هذا المنهج النبوي القويم، لم تشكل فارقاً في التطبيق، فلا مبالغة أن نرى أتباعه اليوم يضربون أمثولة التضحية والفداء في سبيل الدفاع عن قضاياهم العادلة، بكل شجاعة وإقدام دون خوف أو وجل من القتل والسجن والتعذيب أو الطرد والتهجير، ولعل هذا الأسلوب يبرز مضاداً لفكر التخاذل والتهاون والتفريط، ومترافقاً مع بطولات الأوفياء المرابطين في خيمة الإعتصام.

فها نحن نرى في وقتنا الحالي وفي المدينة المقدسة تحديداً إجراءات الإحتلال التي تهدف لتهويد المدينة، من خلال هدم منازلها، وطرد سكانها الأصليين، وإبعاد نوّابها المقدسيين، شخصيات وأحداث تمثل إكمالاً لمسيرات تاريخية، وليت شعري في حال هؤلاء وهم يرسمون لنا عصر الجيل المحمدي وصحبه من مهاجرين وأنصار في صدر الدعوة الإسلامية، والإسقاط الذي يخوضه أبناء الدعوة من العلماء والمشايخ والحرائر والأكاديميين والشباب وما يلاقونه من أقسى أنواع القمع الفكري والجسدي تحت أقبية التحقيق وفي زنازين الوقائي والجنيد والمخابرات، وحالهم بالمقارنة من الرعيل الأول في أفياء مكة وملاحقات أعين وأيدي المشركين التي بطشت وسفكت دماء المعذبّين، وتآمرت على قتل خير البشر وأمينهم بغية هدر دمه بين القبائل ودفن الدعوة من مهدها، ولكن هيهات هيهات فمعية الله التي ذر رمادها النبي صلى الله عليه وسلم في وجه مريدي القتل من المتربصين شكلّت سداً منيعاً، وأدخلت السرور والبهجة في وجوه المستقبلين المترقبين لنبيّهم حين جاءهم في مدينتهم، على الرغم من عدم خلوها من المنافقين واليهود وهم أخطر بكثير من العدو الحقيقي الذي برغم إنكاره لهذه الدعوة إلا أنه كان يؤمن بوجود الله عز وجل " ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله " .

وانتقل الصراع من واجهته التي حجرت فيها نشاطه من مكة إلى الصراع الأخطر حيث المنافقين واليهود، على الرغم من فرض النبي صلى الله وسلم وصحبه قواعد إلا أن النزعة للمخالفة وتأجيج الفتن أبت إلا أن تعكر صفو هذا التأسيس لدولة الإسلام في مهدها، فأثيرت زوابع الغزوات ونفثت فيها الأبواق اليهودية، فلاقت جزاءها العسير وتم إجلاءها لنقضها العهود والمواثيق المبرمة مع النبي وصحبه، وكتب الله الإنتصار لجنده في الأرض حين عادوا فاتحين مكرمين مكة المكرمة.

الظروف التاريخية بمكوناتها المتعددة طوال سنوات طويلة من الحروب والغزوات شكلّت قاعدة أساسية مهدت لهذا الفتح المبين زاد دخول الناس في دينه الحنيف أفواجاً، لم يأتي اعتباطاً إنما له مدولالات تتداولها أفئدة المتبصر ليتسنى له مقارنتها مع أحوال الأمم المعاصرة إلى وقتنا الحالي حتى يكتب الله مرة أخرى النصر لدعوته ويمكّن لعباده الموحدين أن يعيدوا ما سلبه الأعداء من حقوقهم ومقدساتهم.

هنا يقفز إلى العقل التساؤل عن هذه الممارسات أليست متكررة في استعمال الإحتلال لها ضد الفلسطينيين منذ بداية تأسيس كيانه على انقاض القرى التي أحدث المجازر فيها مثل مجزرة دير ياسين، ومجزرة خان يونس، ودفع الملايين للخروج قسراً في حادثة الهجرة ليلاقي نفسه بعيداً عن مسقط رأسه في مخيمات اللجوء والشتات، ما حذى به ليدافع عن حقه في العودة بداية بالحجر ثم تطويره إلى صاروخ محلي صنعته الأيادي الباسلة التي أرسى دعائمها تلاميذ المنهج النبوي الشيخ عز الدين القسام وحسن البنا وأحمد ياسين، والتي سرعان ما طفت على السطح مختصرة سنوات طويلة من المفاوضات والسلام فدفعت العدو ليندحر سراعاً من قطاع غزة في فك الارتباط من جانب واحد عام 2005، ثم ما لبث أن صعد هذا التنظيم الحركي المتبني لخيار الإسلام والمقاومة كسبيل لتحرير فلسطين إلى واجهة العمل السياسي فاكتسح المجالس النيابية بأغلبية ساحقة، ثم قام بتطهير القطاع من أحفاء ابن ابي سلول المعاصرين في حسم قطاع غزة عام 2007.

أليس نوّاب كتلة التغيير والإصلاح في المدينة المقدسة يمثلون امتداداً لهذا الرعيل المبارك من ثغرهم في البقعة الطاهرة في القدس المحتلة، ومنهم الشيخ نايف الرجوب والشيخ محمد أبو طير إذ ينتقلون مرغمين بقرار مجحف من الشرطة الصهيونية بالتهجير خارج مسقط رأسهم إلى مدينة رام الله، حيث فريق المنافقين المعاصرين !!

إن هجرة الرجوب وأبوطير من أحب البقاع إلى قلوبهم لهي هجرة التأسيس للعودة وخوض غمار مرحلة الصراع الذي خاضه من قبلهم النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، عبر أحداثه التي سجلها التاريخ في المدينة المنورة، هذه الشخصيات التي ربما يكون في ارتحالها بداية التأسيس لفضح المرجفين المتساقطين على طريق التحرير، الذين ارتهنوا إلى الإحتلال ووقفوا بجانبه مؤازرينه في مآسيه ومحارقه، ومجترأين على تنفيذ توجيهاته بالتنسيق الأمني، واعتقال أبناء شعبهم والزجّ بهم في غياهب السجون غير عابئين لحقيقة التاريخ التي يسردها لنا عبر فتراته المختلفة، وفي كتبنا السماوية المنزلة، حقيقة الأحداث التي ذكرها لنا القرآن في فرعون، ورؤوس الظلم الذين لم يسودوا الأرض إلى الأبد، وكان مصيرهم إلى الزوال والإندحار .

يا نوّابنا المقدسيين لم ينتهي الأمر عند قرار إبعادكم، بل هي البداية لتشرعوا في الوقوف في وجه المنافقين والمرجفين، فلتتآخوا مع أنصاركم وزملاؤكم النواب الإسلامييون، ولتتعاضدوا فيما بينكم لتقفوا سدّاً منيعاً في وجه حملات الإستئصال التي استباحت كل شئ في الضفة المحتلة، ولم تبقي أو تذر معلماً من معالم المشروع المقاوم، سوى الرموز التي يتطلع إليها المكلومين المظلومين، ولا تبتأسوا بما فعل السفاء، ولا تقلقوا على مصير المدينة المقدسة، فأحفاد عمر بن الخطاب ما زالوا رابضين في عرينهم في خيمة الإعتصام التي مضى عليها 162 يوماً وهم يجسدون مأساة المقدسيين في الطرد والتهجير والتهديم.

هذه مرحلة التاسيس لدولة المدينة الثانية، بغزواتها المباركة، وهو صراع لا يقارن بما تواجهونه، فلتشدوا أزركم ولتشمّروا عن ذرايعكم وتواصلوا مسيرة الرعيل الأول ونحن في هذه الأيام المباركة التي تمر علينا في ذكرى الهجرة النبوية، لتؤكدوا على صلابتكم وشجاعتكم وإخوانكم في قطاع غزة يرقبون فيكم هذه الصفات، وأهلكم في الشتات ينتظرون مواقفكم الحاسمة لإنهاء معاناة أبناءنا وأهلنا في الضفة المحتلة، ليتسنى لنا جميعنا العودة فاتحين لمدينتنا المقدسة.



الاثنين، 6 ديسمبر 2010

نيران الكرمل تمتد إلى فتح !!

06-12-2010, 22:12

مرتكب الإهمال والتسيّب لا يكترث لذاته ولا لغيره؛ فهو بطبيعة حالته ( اللاواعية ) يقتل جسده ويحدث الضرر الجسيم لمن حوله، بل يمكن أن يؤدي إلى كوارث لا يُحمد عقباها، تجعل العالم يقف على قدم وساق ذهولاً من هذا الضرر، يتجلى ذلك في العمل غير المسؤول الذي قام به بعض مدخني ( النرجيلة ) في أحراش الكرمل شمال فلسطين المحتلة، مما أدى لإشعال حرائق على نطاق واسع أدى إلى مقتل عدد كبير من 40 سجّاناً، بالإضافة إلى 3 من الشرطة، بما فيهم قائد شرطة حيفا !

برغم الصلف الذي يعتري سلوك الكيان الصهيوني إزاء ممارساته الهمجية على مدار أكثر من 60 عاماً بحقّ الشعب الفلسطيني، سيّما المجازر الدموية التي قام بارتكابها، والحروب التي شنّها، مما أسفرت عن عشرات آلاف الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ، وما زال حتى اللحظة بكل عنجهية يستمر في سياسة القمع الدموي والسحق العسكري، وتدمير البنية التحتية، والمنشآت المدنية، ناهيك عن استمرار رزوح الملايين في الشتات يعانون صلف العيش في مخيمات اللجوء!

لم يستثني هذا الذبح الهادر للدماء الطاهرة الفلسطينية، بل تجاوزه إلى الشعوب العالمية قاطبة، والتي كان آخرها الدماء التركية التي زهقت في المياه الدولية أمام سواحل سجن قطاع غزة الكبير، المحاصر منذ سنوات بسبب اختياره الديموقراطية التي يتشدق بها من يدعم هذا الكيان المتغطرس !

إحدى نتائج هذا السفك الدموي لتحقيق مآرب الصهيونية الدنيئة، حجب شمس الحرية عن أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني، يعانون من الحرمان من أبسط الحقوق التي كفلتها كافة الأعراف والمواثيق السماوية والدولية أيضاً، إلا أنها لم تستطع كبح جماح هذا الذئب الصهيوني المتوحش من امتصاص أعمار الأطفال والنساء، وفي مقدمة هذا الجيش المتوحش يد الإحتكاك المباشر لقمع الأسير" السجّان "!

العقاب السماوي الذي وقع كالصاعقة ليس على قادة الكيان فحسب، بل كل الداعمين والعملاء الوكلاء، فأثار الجنون والتخبط والحيرة من الذي جرى، ما حذى بهم لتأكيد فروض الولاء والطاعة لإسرائيل بدون أدنى تردد، وتقديم أبلغ عبارات الحزن والتعزية للأجساد التي تفحّمت بفعل لهيب النيران الحارقة !

لم يدر في خُلد الوكيل الفتحاوي أنه لربما يكون سبب هذا الحريق، دعوة مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، أطلقها صرخة أنين من بين ضلوع مهشمة ونفوس تتوق إلى الحرية، محرومة من رؤية ذويها وأهلها، محجوبة عن ممارسة أدنى حقوقها الإنسانية !

لا يعرف الوكيل الفتحاوي معنى الظلم لذلك تجده الأجرأ على إراقة الدماء، بحيث تفوّق على العدو، فبات يمارس ذات الجرائم بشكل أفدح من الكيان الصهيوني، لم نرى معالم الوفاء الذي قدمه الصديق الفتحاوي للإحتلال في محرقة غزة الأخيرة، أو في ضحايا الأسرى الذين سُفكت دماءهم بكل أريحية، ومركبات الدفاع المدني لم نشاهدها وهي تدلف إلى قطاع غزة المُحاصر، كما دلفت إلى أحراش الكرمل لإطفاء الحرائق التي اشتعلت بيد إسرائيلية، وأحرقت أجساد إسرائيلية، أجساد كانت تمارس القتل والتعذيب في أقبية التحقيق، والعزل الإنفرادي لأسرانا البواسل !

حين يصيب السوء القاتل والمجرم والسجّان نجد كل فروض الطاعة والولاء والمساعدة والعزاء والوفاء، لكن عندما يصيب المقتول فلا عزاء !

لا عزاء لآلاف الأسرى، والمختطفين المعذبين المضربين عن الطعام في سجن أريحا، ولا للنساء الحرائر فارسات العمل الدعوي ميسم سلاودة وتمام أبو السعود.

لم تتوقف نيران الكرمل، بل امتدت لتحرق الأيادي التي أرست معالم الثأر من حماس في الضفة المحتلة، وأشعل ناراً جديدة لم ولن يتعظ المكتويين منها، نار الفتنة بين عباس و دحلان، ناهيك عن الإختلافات بين فياض وعباس، والاختلافات بين فياض وحركة فتح !

كل فريق يبحث عن مصلحته، ففياض يتمسك بالمالية، ودحلان متعطش إلى السيطرة كما أسلف مع ياسر عرفات الذي اشتم رائحة هذا الإبن حين قال له " يا دحلان قاتل أبيه لا يرث !! "، وأخيراً إلى السيد التعيس محمود عباس الذي لم تأتي تصريحاته حول حل السلطة الفلسطينية إعتباطاً، بل تعكس مدى التخبط والترهل الذي يعتري كيان حركة فتح .

في وسط هذه المعمعة من التخبط في الممارسة تغيب الأهداف الحقيقية لنيل حقوق الشعب الفلسطيني، أمام هذا الفريق الذي انسلخ من كافة المعايير التي تؤهله لقيادة سفينة القضية الفلسطينية !

ربما ستكشف لنا الأيام القادمة مزيداً من الإنشقاق الفتحاوي، الذي تغيب رؤيته وتنعدم مصداقية روايته، طالما استمرت حملة الاستئصال تحت إشراف المنسق الأميركي ، ودعم الربيب الصهيوني .

دعاء المؤمن الطاهر أقوى مئة ألف مرة من جيوش الأرض قاطبة، وهي الأقدر على الثأر للمظالم، هذه حقيقة الوعد السماوي ( ادعوني استجب لكم ) ، وهؤلاء الذين يعانون القمع والقهر الفكري والجسدي أصلح من غير المدرك لذاته وممارساته التي أشعلت ثقابه النيران في أحراش الكرمل، أو من الذي يقتل ويعتقل باسم القانون، أو من الذي يفاوض ويتنازل باسم الشرعية؛ فليفرج إذاً عن هؤلاء من غياهب السجون، حينها سنرى كيف سيلتئم الجرح الفلسطيني ليقف مرة أخرى بكل قوة يدفع الظلم والضيم عن شعبه بكل شجاعة وإقدام .



السبت، 27 نوفمبر 2010

" تمام أبو السعود " رسول المحنة مِنْ حماس !

27-11-2010, 04:43

لا شك أن لكل مرحلة محن عديدة تبرز منها رموزاً قد ضربت أروع الأمثلة في الصبر والتضحية والتحمل، نماذج ظهرت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالت ماثلة في سلوكها حتى حاضرنا، منها الصحابية الجليلة "أم عامر" أسماء بنت زيد الأنصارية التي وصفت بأنها رسول النساء إلى المصطفى عليه الصلاة والسلام في أوج الإبتلاء والشدائد التي عصفت بمسيرة الدعوة الإسلامية في ميلادها، وقد قيل أنها من المبايعات التي تميزت بالعقل الراجح والشجاعة والإقدام، الصبر والإيمان، ناهيك عن أنها إحدى راويات الحديث النبوي الشريف، تخلّت عن الدنيا حين تركت الذهب من أجل البيعة للفوز برضى الخالق .

قَلْبُ أسماء المملوء بمحبة الله ورسوله والدعوة المباركة، قد بلغ مبلغاً سطّرت فيه أروع ملاحم التضحية والفداء، حين جاءها خبر استشهاد أبيها وأخيها وابن عمها جملة واحدة، لم تجزع أو تُصعق، إنما خرجت بلهف ترقُبُ سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قادم من غزوة أحُد، إلى أن رأته سالماً؛ فقالت بلسانٍ مُحتسب : كُل مصيبة بعدك جلل !

على مدار قرون لم تخلو مسيرة الدعوة من المحن الجسام، العواصف القواسم التي تعرضت لها منذ نزول الوحي حتى يومنا هذا، الظروف المختلفة انتجت لنا شموعاً نهتدي بها في الظلمة الحالكة، نتمايل مع الرياح الهوجاء العابثة بنورها، ننحني لتضحيتها التي تنير دروبنا، نعتصر ألماً لسجنها في خلوتها، نذرف دموعاً لحرمانها من أبسط حقوقها، نتكبد العناء في التقصي عن أحوالها وأوضاعها، لكي نطمئن على وقود الثبات والتمكين.

أُمْ كل شريف حر لا يقبل الضيم عزيزة على قلوبنا أجمعين، أبيّة في وجه المتساقطين على أعتاب الخيانة، المتخاذلين عن نصرة المؤمنين، والأخذ بالثأر لمن باع الحقوق بثمن بخس في أروقة البيت الأسود و الإتفاقيات المهينة التي أركست القضية في لُجَة الضياع، لولا عقبة قد تحشرجت في صوت هذا الفريق لاندثرت منذ أمدٍ بعيد.

هذه العقبة التي صعدت في سماء فلسطين، أركانها الرنتيسي والياسين، حزامها فاطمة النجار، وريم الرياشي، مجاهدات عبقهن المسك والياسمين، قناديل أضاءت تبشّر بصواب المنهج وطهر المنبت، خاضت الصعاب في محافل الأسر، حطمت القيد وخرجت بكل شموخ وفخر لم تتنازل رافعة هامتها بكل فخر، لم تنهزم لعدو لدود لا يعرف الرحمة، يشق طريقه بالمدرعات فوق جماجم الطاهرين، وطرد أبناء شعبنا اللاجئين، ومحاولة إبعاد الصامدين في خيمة الرفض لخيار التهويد ولا حتى التهجين، وإلا فخيار الرد ماثل في عزيمة الإستشهاديين !

لم تسلم من جميع المحاولات لطمس هويتها أو تغييب أهدافها، وقد استخدمت وسائل وسبل وما زلت لم تعدم الطرق في محاولاتها الدؤوبة لإسقاط حماس من الواجهة السياسية بكافة الخيارات المفتوحة، بما فيها الحرب التي فشلت، والحصار الذي ما زال مستمراً بالتزامن معه صمود غير منقطع ثابت وماضي في مشروعه حتى التحرير.




كل شئ مستباح في عُرفهم، وتنكرهم لوصايا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام " استوصوا بالنساء خيراً " أو " رفقاً بالقوارير " ولكن أنّى لمن لوى عنق الدين ليوافق هواه الغارق في الترف والملذات أن يتوقف عن ظلمه في هتك عرض حرائر الضفة، بوكالة صهيونية، وتوجيه أميركي !

لم يعد الفارق كبيراً بين التعدي السافر على النساء، وانتهاك حرماتهنّ، وما بين الإعتداء على رموز الشرعية الذين تم اختيارهم في صندوق الإقتراع، هكذا بكل وضوح يعلنها الفريق الفلسطيني بقيادة الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس، لا مجال للتراجع عن هذه المسلكيات الآثمة، وإلا فسيف الإحتلال المسُلط برضى الأجهزة الأمنية وتنسيقها معه، سيقطع كل محاولة من شأنها وقف الأجندة التوراتية في فلسطين.

الحلول معدومة في وجه حماس للتخفيف عن معاناة اختطاف الحرائر، أو الإفراج عن المختطفين، أو الحد من الإعتداء على النواب والقادة، ولا سبيل يحقق هذه الآمال بعيدة المنال سوى بالمضي قُدُماً في خيار المصالحة، هكذا ترى حماس، ولكن هل هذه الرؤية واضحة في ظل الضبابية التي تكتنف المشهد بكافة معطياته وعناصره في الضفة المحتلة ؟ هل ستنجع في التخفيف من وطأة الإعتقال والتنكيل ؟ هل ستوقف التنسيق الأمني وتطرد المنسقين ؟

فتح ترد بقناعة تامّة بممارسات عصاباتها الأمنيّة، وذئابها المتوحشة التي افترست كل معالم الوطنية والنضال الشريف، لن نوقف الإعتقالات، وسنمضي قدماً في إبتكار وسائل مستحدثة للنيل من عزيمتكي يا حماس حتى تخضعي لأجندتنا المشبوهة أو تتنازلي عن مطالبكي العادلة، وتعترفي بإسرائيل وتناقضي مبادئكِ، وحتى لو فعلتي فلن تسلمي من أبواق التجريح والنقد والتسفيه !

لسان حال سلطة أوسلو ينادي حماس بأن تنازلي عن الخيارات الصعبة، ولننهج الخيارات السهلة، ولنرمي أعباء القضية ومشقاتها عن كواهلنا حتى نتفرغ لما تبقى من حيواتنا الحيوانية في ممارسة السفور والفجور على النمط الغربي متأبطين زجاجات الخمر، في المحافل الدولية، مستمرين في نهج المفاوضات لأجل المفاوضات !

رُسُل حماس في الضفة ما زالت تكابد من أجل الحفاظ على عهدها وبيعتها مع الله، واثقة بنصره الذي وعد، مسترشدة بمن قضى نحبه من سلفنا الصالح.

" أم عامر " تمام أبو السعود رسول المحنة تؤكد أن ما تتعرض له مجرد منحة من الله عز وجل لإبتلاءها واختبار قدرتها على الصبر أسوة من رحل عن مرحلة عسيرة بمن مراحل الدعوة المباركة التي شاركت فيها " أم عامر" أسماء بنت زيد بكل أصالة وصبر وإيمان..


الخميس، 25 نوفمبر 2010


شجوني التي أدمعت عيوني !!





صهيب الحسن

25-11-2010, 04:26

أرعدت حكايتها في ثنايا الذاكرة، فتفجّرت ينابيع الثورة العاجزة، و من هوْل الفاجعة نزفت دموعاً قد انهمرت تروي مشاعر عطشى لتاريخ أمة ماجدة، سجلت أروع ملاحم الاستجابة الباسلة، لصرخة الحرائر السامقة، وقتها سطّر الخليفة أشجع قصة في انتصاره لُمسلمةٍ بين وحوش هائمة، قد ارتعبت فرائسهم مِن مَقدم أسطورة وامعتصماه الماثلة حتى حين. بدأ فيه عهد الرجال الصاغرة ، بتطوير تجربة الفُرس الفاشلة في اصطياد لبوة الأسد القاهرة!

هذه ليست رواية الليالي الملاح التي تسردها مزاعم الكفاح على آذان تطرب لترنيمة الإنبطاح، أو معزوفة الفرقة التي باعت الوشاح واستبدلته بالإنشكاح لنيل رضى سلطة الفجور والسفاح !

إنها صرخة محجوبة خلف ستار النباح الذي يحاول عرقلة مسير قوافل تستباح، بغطاء الناطق الردّاح، المفاوض الدحداح،
المسؤول عن منع مآذن حي على الفلاح !

في ضفة العياش تحوم غيوم سوداء تحجب نجوماً خلف غياهب جدران الشقاء،
لكنها لا تستطيع حجب وعد السماء، هي ثابتة في ثغرها تبذل الدماء،
تكافح المرض والإعياء بطهر النقاء،
وعزيمة البقاء !

دماءها تثأر بنفسها من الأعداء، حين صدح رشاش نشأت الكرمي برصاص الدعاء !

وها هي ملحمة الصمود والإباء، وثمرة العطاء، ما زالت تكافح الفناء،
تستدعي ليوث عياش وعقل لتلبية النداء، تلبس عباءة القسام من جديد لتحارب الوباء،
تسلخ من امتهن تعذيبهنّ إما إنتهاء أو ارتواء !

سحقاً لمن أتقن المخاتلة، ومارس فنّ المرواغة، في أروقة المصالحة!

بُعداً لمن يمضي في مسيرة المداهنة معتقداً أنه سيقلب المعادلة،
كلا وربي لن تنجح المجادلة في تحقيق حرية الأسيرة المجاهدة !

إمرأة تستصرخ وامشعلاه!، واقساماه!

واخجلاه من نفسي،

سأظل أهذي بها في صباحي وأمسي،
حتى يفرج عنكي، أو يضعوني في نعشي !

هل من مبلغٍ نفسي مدى أسفي على كسلي ، أمام صرخات تذوي منها أوعية قلبي المثقوب بخجلي!
أليس فيكم رشيد ينتصر لحرائر شعبي اللاتي يقبعن خلف أسوار الضيم يندبن ضياع أمتي !

أما يكفيكم نهمي في نصرة بقعة من دمي، على أعتاب محاولة تخفيف وطأة عذابها، تسيل من فمي،
ليت شعري ينهي ألم نزفي !