مدونة الكاتب : صهيب الحسن

كلما ظننت أنّي علمت جهلت أكثر

السبت، 31 يوليو 2010

أمي رقيّة ..





صهيب الحسن
31-07-2010, 04:31 

على التلفاز مررت بوجه رقيّة،
يحمل بين طيّاته برد السلام،
أعوام من التضحية والصبر،
شممت رائحة الخبز والصاج، والزعتر والزيتون،
ترددت إلى مسامعي، إنّا باقون .. إنّا باقون،
لتعلمني أن الأمهات بمقدورهنّ صناعة الرجال الشجعان،
جنان تمشي على الأرض، تزينت ثم تبخترت بالمجد تزنّرت!

وجوه كثيرة مررت بها، مليئة بالحزن القبيح، تُعدد لي نقائصي، وكأنني بحاجة لمن يذكرني بها،
ثم رأيت هذا الوجه؛ وإذ بالحزن الجميل ينساب بين طيّاته،
يتفجّر من خلاله ينابيع دافئة، تخرج من عيونه،
تغسل نفسي وروحي بمطهّر الشعور الحقيقي من أثر ما تصفّحت تلك الوجوه القبيحة، فتبّاً لها ..
لكم أغبطكي، ومن يشاركني كثيرون،
أغبطكي في صبركي وكيف تتكيفين معه،
في جراحُكي كيف تعضَين عليها،
عندما يتجوّل الأحفاد حولكي، وأنا محروم من زيارة تشفي عناء الشوق للمسرى،
بكيت لكلماتكي، ثم ضحكت معكي وأنتي تداعبين الأحفاد،
هل سمعتي عن أحد يضحك ويبكي في نفس الوقت ؟!

الأحزان تُولد كبيرة ثم تصغر، وتصغر شيئاً فشيئاً مع الأيام،
إلا أنتي تُولدين صغيرة ثم تكبرين، وتكبرين شيئاً فشيئاً مع الأيام،
تكبرين معها في مكان بالقلب يَنْخره بمعاول الفقد والشوق،
لا يتوقف أبداً عن الوخز ألماً،
هذا هو قلبي الذي ينبض بكي، أدلّكه بوخزات الألم،
كُلّما تصرخين وامعتصماه،
هذا هو الألم المقدس، لأنه صادق يبحث عن الحقيقة بشقاء،
يُغسّل بماء زمزمي الطُهر، ليجثوا جبينه ساجداً في معزل عن عناء الدنيا،
كلما سنحت له نفحة من إيمان !

كنت وما زلت أشعر بامتداد خارج نطاق هذا الوجه،
مداده التوحيد ونهايته حيث اللافناء،
سيصل لنقطة لا محالة سيعرف بها نهاية الطريق،
يراها بأمّ عينه،
فهذه الدنيا ليست سوى فاجعة صغرى، وما وراءها أعظم!

مهما تحدثت عن ذلك الوجه فلن أستطيع وصف شعور يعتري القلب،
فالأشياء في تفاصيله باتت واضحة،
وفصول الصراع المحتدم بات شفافاً،
ولا زلت أُقلّب بصري في هذا الوجه،
أدلّك قلبي القاسي المحنط بالسدر في حزني المسجيّ في تضاريس مقدسيّة،
ولا زال الوجه كما هو،
فهل سنعود إلى هناك، نشرب من نهر الشوق، نعانق ذلك الكائن الزاهد العطشان،
الله أعلى وأعلم وأرحم،
تعالوا بنا نرفل بقلوبنا التي ضاقت علينا،
نبحث عن راحة ضمير تدرس تفاصيل وجه رقيّة، في زمن القابضين على الجمر !
وجه يحمل خلفه وجوه بها عيون كالنجوم، تبكي كالوجوم ..!!



الثلاثاء، 20 يوليو 2010

ألم قلم : عن الياسين أتحدث !

 

20-07-2010, 13:53

مرّت الساعات تجر خلفها في تثاقل ،
ظلام ليل يأتي ويضيع،ويتلاشى قبل أن يصل،
يبحث عن بقايا من شروق،
حاول التشبث بثياب الفجر حتى لا يرحل ولكنه رحل ،
غادر كرسيّه المدولب حاملاً فوق كتفيه عباءة حزنه وارهاقه ،
وتعب الماضي، وألم القادم !
ثم استوطننا الحزن،
لدرجه أننا لا ندري لماذا !!!

يومها خرج من محرابه يتأمل الطرقات،
وجدها فارغة من كل شيء ، إلا زحمة الناس !
نظر لبعيد وهو يرقب عهداً مديد،
وعيناه تخرق حجاب الذاكرة،
حاول أن يتذكر ، غاص في تفاصيل ملامحها،وبكى !
هل سأعود ؟

لا أريد عودة تغتال إيماني وديني،
وتقدما ًيجتث يقيني من أعماق وجداني،
أنا لا اريد سوى الحياة كريمه في ظل ديني،

تذكّر نصائح أمنيّة، وان الطائرات قد تعجّل برحيله !
فكر في ان يسأل ،
ولكنه لم يمتلك قدرة كافيه لتنتزع السؤال،
فأزيز الطائرات تدوّي،
لتخرجه من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة!!
وذوى الجسد،وصعدت الروح.

تسمّرت أمام هذا المشهد ،
قررت ألا أرفع نظري عنه،
ولا زلت أتأمله من حين إلى آخر،
في صمت أزعج كل الذكريات !!

لماذا قتلوا شيخاً مُقعد؟
هذا ليس سؤالاً، بقدر ماهو زلزال يدمر سكون المكان،وجنون السائل ،ودهشة المتلقي !
ولكنه يظل سؤالاً، مشنوقاً، معلقاً في الفراغ، بلا إجابة !

يا قمراً وسط الظلمات،
قلبي منهك من العثرات،
علّني في عينيك أرى ظل ندم !
فأرى الصمت،كعصفور صغير ،
ينقر العينيين والقلب ، ويُغرّد
في ثنايا كل فم !!

لكم جاهدت نفسي كي أنساك،
ولكنّي لا املك منع القمر في الليل يضيء،
حملوك معه للسجن حتى تطفئه،
وإلي الآن..لا يزال مضيئاً،
تكفيني قطعة من حزنك،تُدميني كشوكة،

شعاع الشمس يهوي على صدري بالحرّ،
ورُعاع الأمس يهذي على عقلي بالشرّ،
أعطني القدرة حتى ارتاح،
فقدمي تتلمس السّلمة الأولى لكي أصعد ،
ويدي تتلمس الحاجز إذ أخشى السقوط ،
كيف أرحل إليك؟

أخشى من عفن الموت،وأطياب الحنوط،
زفرة تصعد في صدري،تخشى الهبوط،
نكهة تكسو فناء جسدي،تسري في دمي عِرقاً تنزف دمعاً،
منهك قلبي من الظلمة ،لا أرى سوى قمرٍ شاحب،
آآآه من حفنة نور في ظلمة شرور!

السبت، 3 يوليو 2010

نقود تقود !


وقود قلم / صهيب الحسن
03-07-2010, 04:11

أيُّها العابث في روحي ، لا تنكأ الجراح بالبوْحِ في أسرار قروحي،
موطني حيث أجد نفسي، مع الله لا حين ألهث خلف نقودي،
نصّي ضيّق، لكنَّ صدركم أوسع، فاقرؤوا الكلام الشيّق ،

النّفْسُ توَّاقة، للخير فوَّاقة ،
للشر تتقي ، وأحياناً تتقيّئ! ،
المحسنين يضيعون، لكن أجورهم لا تضيع،
فالله لا يُضيع عمل عاملٍ من ذكر كان أو أنثى،

مَنْ يَتَسوّر الحرام ليسرق جمرةً من جهنم ، ثم يعود!،
فذلك قد تعوّد على الخذلان والقعود ،

إذا كان في الكلام سعة ، فالصمت أوسع ،
فلا تشتري بالثرثرة السيئات،
واصرف نقودك على الحسنات ،
وقد ربح بيع الكلمات، والله اشترى اجتناب العثرات،
بلِّغ عن الرسول ولو آية، فقد فاز من حاز الجنّات،

وقد خسر من حاد طريق الشذرات ، وتمرّغ في نيران العتمات ،
لم تنفعه شفاعة الوالدات، الأخوات، الخالات ، ولا حتى العمّات !،
فخاب في لظى يحرق القسمات ، حتى انتفى الممات ، وبرزت جميع الصفات ،
هاؤم اقرؤوا كتابيهْ ، هلك عنّي سلطانيهْ ،ما أغنّى عني ماليهْ ،
خذوه فغلّوه ، ثم الجحيم صلّوه ، ثم في سلسلةٍ ذرعُها سبعون ذراعاً فاسلُكوه ،
إنّه كان لا يؤمن بالله العظيم ، وتمسّك بالمالِ السقيم ،
ولهث وراء الحرام الهزيم، مبتعداً عن الحلال الكريم !،

لا تهرب من شبابيك الشر كالفقمة، واخرج من أبواب الخير والرحمة،
ولا تكُن ْممتطٍ لهواك، و هاوٍ لمطيتك!،
أو فاغراً فاك كالجحر القديم ، ولا غارفاً أفّاك كالشر الرديم ،

القطار سريع، والقافلة تسير، فلا تدع النقود تقود فالكلاب تنبح !